التيربو

 كثيراً ما نسمع عن جهاز التيربو المركب على محرك السيارات، ويتبادر إلى ذهن الكثير منا أن هذا الجهاز عبارة عن جهاز معقد ومتطور للغاية، وفي الواقع إن جهاز التيربو هو جهاز بسيط وبعيد في مبدئه عن التعقيدات وصغير الحجم وخفيف الوزن، كما أنه ليس بذلك الجهاز الحديث العهد، وسنستعرض فيما يلي شرح بسيط لمبدأ عمل شاحن الهواء (التيربو) بطريقة علمية ومفيدة تعطي معلومات كافية عن هذا الجهاز:
الطاقة التي ينتجها المحرك تكون محدودة وتعتمد على كمية الوقود التي يقوم المحرك بإحراقها، وكمية الوقود التي يتم إحراقها هي أيضاً محدودة وتعتمد على كمية الأوكسجين الموجودة داخل الأسطوانة (المحرك يتألف من أسطوانات يتم في داخلها إحراق الوقود للحصول على الطاقة التي تدفع المحرك)، وبدورها كمية الأوكسجين تعتمد على كمية الهواء الموجودة في الأسطوانة، لذلك إذا أردنا الحصول على قوة أكبر من المحرك علينا القيام بإحراق كمية أكبر من الوقود داخل الأسطوانة، وللحصول على ذلك علينا القيام بإدخال كمية أكبر من الهواء إلى داخل الأسطوانة، وهذا بالضبط ما يقوم التيربو به.
والتيربو في الواقع عبارة عن ضاغط هواء بسيط التصميم، يستمد قدرته أما من ربطه مع عمود الكرنك الخاص بالمحرك أو من غازات العادم (الأشطمان)، أو من الطريقتين معاً، وتعتبر شواحن الهواء (التيربو) التي تستمد قدرتها من غازات العادم هي الأكثر شيوعاً، وتتألف وبشكل بسيط من عنفة (شفرات مروحة متوضعة بشكل مدروس) متصلة بواسطة أنبوب أو ذراع مع ضاغط (شفرات مروحة متوضعة بشكل مدروس)، ويتم وصل مجرى غازات العادم مع العنفة فتدور بسرعة كبيرة قد تصل أحياناً إلى 200 ألف دورة في الدقيقة!! وعند دوران العنفة يدور الضاغط المتصل بها عبر الأنبوب أو الذراع والذي يكون متوضعاً على مجرى دخول الهواء إلى المحرك، مما يؤدي إلى ضغط الهواء الداخل إلى الأسطوانات وبالتالي رفع كمية الأوكسجين، مما يسمح بإدخال كمية أكبر من الوقود ليتم إحراقها والحصول على طاقة أعلى.


وبشكل عام التيربو عبارة عن شاحن هواء قصري، يقوم بضغط الهواء الداخل إلى الأسطوانات، وبالتالي يتم رفع كمية الأوكسجين الضرورية لإحراق الوقود، ومن المعلوم أيضاً أن الأوكسجين ضروري جداً في عملية الإحراق، فإذا قمنا بإدخال كمية كبيرة من الوقود لا تتناسب مع كمية الأوكسجين في الأسطوانة، فإنه لن يتم إحراق كامل كمية الوقود الداخلة، أما في حال استعمال التيربو؛ فإنه سيكون بالإمكان إدخال كمية وقود أكبر تتناسب مع كمية أكبر من الوقود وبالتالي الحصول على عملية إحراق أفضل وأكبر، وبالتالي ازدياد في استطاعة (طاقة) المحرك، كما أن التيربو مزود بنظامي تزييت وتبريد متصلين مع المحرك.
عند عملية ضغط الهواء ترتفع درجة حرارة الهواء المضغوط بشكل كبير، وبالتالي تنخفض كثافة الهواء وتنخفض معها نسبة الأوكسجين، مما يؤثر على الأداء المطلوب من التيربو، لذلك يستخدم عادةً مبرد داخلي للتيربو يوضع بين التيربو ومدخل الهواء إلى المحرك (مجرى السحب)، يعمل على خفض درجة حرارة الهواء المضغوط، وبالتالي زيادة كثافته ورفع نسبة الأوكسجين، وللعلم أنه إذا انخفضت درجة حرارة الهواء الداخل إلى الأسطوانة بمقدار 10 درجات مئوية، ارتفعت طاقة المحرك بنسبة 3 %.

محرك الديزل لا يحتوي على شمعات احتراق (بواجي) ولا على موزع شرارة (ديسبرتور)، فهو يعتمد في مبدأ إشعال الوقود على ضغط الهواء داخل الأسطوانة ورفع درجة حرارته عند الضغط، ومن ثم حقن وقود الديزل، مما يؤدي إلى اشتعال المزيج (مازوت وهواء)، أما محرك البنزين فيعتمد في مبدأ إشعال الوقود على عملية ضغط الهواء والوقود معاً ومن ثم إشعالهما بواسطة شرارة تولدها شمعات الاحتراق.
عملية شحن الهواء داخل محركات الديزل أسهل منها داخل محركات البنزين، والسبب الرئيسي في ذلك يعود إلى أن الاحتراق في محركات الديزل لا يمكن أن يتم أبداً قبل حقن وقود الديزل الذي يحقن عند وصول المكبس إلى أعلى الأسطوانة في شوط الضغط، أما في محركات البنزين فإن عملية ضغط الهواء بواسطة التيربو ومزجها مع وقود البنزين ومن ثم ضغط المزيج (بنزين وهواء) داخل الأسطوانة في شوط الضغط، قد تؤدي إلى حصول اشتعال مبكر داخل الأسطوانة (قبل وصول المكبس إلى أعلى الأسطوانة وإطلاق شرارة من شمعة الاحتراق)، مما يؤدي إلى حصول خلل كبير في عمل المحرك، وحصول ظاهرة علمية تعرف بالاسم العلمي: "ظاهرة الصفع"، لذلك تم انتشار أجهزة التيربو على محركات الديزل أكثر منها على محركات البنزين (كما أنه توجد أسباب أخرى منها الإقلاع الأصعب لمحرك البنزين من محرك الديزل عند درجات الحرارة المنخفضة)، إلا أن التطور الحاصل في صناعة المحركات وتصنيع وقود البنزين سمح بانتشار أجهزة التيربو على محركات البنزين الحديثة والمنتجة من قبل شركات السيارات، لذلك لا ننصح كثيراً بتركيب أجهزة التيربو على المحركات البنزين القديمة ومن قبل أشخاص قليلي الخبرة في هذا المجال.
ومما لاشك فيه أن تقنية شحن الهواء القسرية (التيربو)، ساهمت وبشكل فعال في زيادة قوة المحركات وتحسين أداؤها من دون زيادة فعلية في استهلاك الوقود، وقد ساهمت التحسينات والتطويرات على المحركات وأجهزة التيربو في رفع عدد السيارات التي تستعمل التيربو، فمع استعمال التيربو يمكن الحصول على طاقة (استطاعة) من محرك صغير توازي الطاقة التي يولدها محرك متوسط، دون رفع الوزن أو زيادة في الحجم، ومن المتوقع انتشار محركات التيربو في المستقبل بشكل كبير جداً، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر أن فيات الإيطالية قد طورت محرك بنزين بسعة 1.4 لتر، ستستعمله في سيارتها الصغيرة والمتوسطة المقبلة، يمتاز بصغره وبنسبة استهلاكه المنخفضة للوقود وباستطاعته المرتفعة جداً، إذ يستطيع هذا المحرك الصغير توليد طاقة (استطاعة) تصل إلى 150 حصاناً! بفضل التقنيات الحديثة وشاحن الهواء، وهذا الاستطاعة كان لا يمكن الحصول عليها في الماضي القريب من محرك تقل سعته عن اللترين، كما أن محرك بنفس السعة والحجم كان من دون شاحن هواء، كان يولد في الماضي القريب جداً استطاعة تصل في حدها الأعظم إلى 90 حصاناً.
__________________
google-playkhamsatmostaqltradent